بحث هذه المدونة الإلكترونية

الجمعة، 12 أكتوبر 2012

بدأ سريان قرار الزيادة في أجور الشحن للبضائع إلى الموانئ السعودية على العديد من الخطوط الملاحية العالمية

 Print
Sedn this page
Save

الموانئ السعودية
عكاظ-السعودية - 18 يوليو , 2012
الكاتب: د. علي بن حسن التواتي

بدأ سريان قرار الزيادة في أجور الشحن للبضائع إلى الموانئ السعودية على العديد من الخطوط الملاحية العالمية اعتبارا من يوم الأحد الماضي وذلك، بسبب طول فترات الانتظار وتأخر إنهاء الإجراءات وخروج البضائع. وكانت مصادر ملاحية قد أو ضحت أن معظم الخطوط الملاحية العالمية قررت فرض زيادة في أجور الشحن إلى الموانئ السعودية 180 دولارا للحاوية المبردة 40 قدما، و140 دولارا للحاوية 20 قدما، كما ارتفعت أجور الحاويات العادية 40 قدما 120 دولارا، و 20 قدما 80 دولارا. ولقد أكد محمد المانع رئيس لجنة النقل البري في الغرفة التجارية بجدة ما هو أسوأ من ذلك برفض شركتي ملاحة عالميتين الموافقة على مجرد تقديم عرض أسعار وإيصال بضائع من أمريكا إلى ميناء جدة.
وكل هذا يجري في الوقت الذي تنشغل فيه اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة أوضاع الموانئ السعودية بمزيد من الخصخصة من خلال تحويلها إلى «هيئة مستقلة ماليا وإداريا» لتمارس عملها على أسس تجارية.
ويأتي هذا في الوقت الذي يحلم فيه ساهر طحلاوي مدير عام ميناء جدة بأن يسهم تنفيذ مشروع الجسر البري (شرق غرب) في زيادة حركة الحاويات بين البحر الأحمر عبر ميناء جدة الإسلامي إلى دول مجلس التعاون، خاصة في ظل ارتفاع أجور النقل وزيادة رسوم التأمين على السفن في منطقة الخليج العربي.
والحقيقة أن حلم مدير عام ميناء جدة مشروع ومعقول بارتكازه على أنه بعد سلسلة من مشاريع التطوير والاستثمار في الأرصفة والمعدات ارتفعت الطاقة الاستيعابية للميناء لتصل إلى 80 مليون طن وسبعة ملايين حاوية سنويا. ولكن من ناحية أخرى يؤكد طارق المرزوقي مدير عام شركة عبدالله علي رضا للملاحة البحرية أن ميناء جدة الإسلامي يشهد تكدسا نتيجة لزيادة حركة البضائع فوق طاقة الميناء وهو ما تسبب في تأخر السفن، وانتظارها خارج الميناء لفترات وصلت إلى أربعة أيام.
إذن، أين المشكلة هل هي في قلة الموانئ أو في الطاقة الاستيعابية فيها أم في تمويلها أو في تخصيصها أو في تحويلها إلى هيئة؟ بالنسبة لعدد الموانئ فإن لدى المملكة بحسب تقارير المؤسسة أكبر منظومة للموانئ في الشرق الأوسط تضم 8 موانئ رئيسية مجموع أرصفتها (183) رصيفا مزودة بأحدث التجهيزات. أما بالنسبة للتمويل فقد ارتفعت إيرادات المؤسسة العامة للموانئ خلال العام المالي 1432 / 1433هـ ( 2011م ) لتبلغ 3282 مليون ريال بنسبة 10.6% بزيادة عما كان مقدرا لها في خطة التنمية لنفس العام البالغ 2966 مليون ريال، وبزيادة نسبتها 9.6% عن مثيلتها في العام السابق.
إذن، هل تكمن المشكلة في الخصخصة حسبما تدعي اللجنة الوزارية؟ كلا. فالمؤسسة تسند إدارة وتشغيل أرصفة ومعدات الموانئ للقطاع الخاص لإدارتها وتشغيلها بأسلوب تجاري منذ 1397هـ. وتفتخر المؤسسة في تقاريرها وتصريحات مسؤوليها بأنها «حظيت بشرف السبق في تخصيص خدماتها بين المرافق العامة في المملكة، وكذلك بين موانئ الشرق الأوسط» أي قبل إنشاء شركة دبي العالمية للموانئ.
المشكلة من وجهة نظري ذات شقين أحدهما إداري والآخر مهني. أما الإداري فيتمثل في أن الموانئ تخضع منذ أمد بعيد لإدارة مركزية لم توطن قرب أحد الموانئ الرئيسية في الشرق ولا في الغرب بل وطنت في العاصمة وركزت جل اهتمامها على الميناء الجاف في الرياض، وهي إدارة تفتقر للحس البحري والنقل البحري وليست قريبة بما يكفي لتلمس المشكلات والصعوبات اليومية وكل المسألة في نظرها لا تعدو كونها معاملات بيروقراطية مثل أية معاملات يومية يجب التعامل معها. يلاحظ أيضا أن تركيز المؤسسة الآن ينصب على تحويلها إلى هيئة عامة. وهذا مدخل لا بد أن تتنبه له السلطات العليا.
فكل من رغب أن ينفصل عن وزارة بعينها ليطلق يده في ما تحتها يضغط بشدة باتجاه تحويلها إلى هيئة. وللتذكير، فإن حل أزمة الموانئ الخانقة التي حدثت سنة 1395هـ كان في تحويلها إلى مؤسسة عامة، واليوم يرى القائمون على المؤسسة أن الحل في تحويلها إلى هيئة لأن الصرعة الجديدة هذه الأيام هي الهيئات مثلما كانت المؤسسات أواخر القرن المنصرم.. ملاحظة أخرى جديرة بالاهتمام وهي أنه بالرغم من وجود 8 موانئ رئيسية لا توجد حتى الآن خطة استراتيجية تربط بينها بشكل تبادلي من الناحية التشغيلية ولا توجد حتى الآن شركة بحرية متخصصة بنقل البضائع والركاب بين الموانئ السعودية وكأنما هي لا تنتمي لجهة واحدة.
ويبقى الجانب المهني الذي أشرت إليه ويتمثل في مدى أهلية من يديرون الموانئ ومن يعملون فيها، إضافة إلى ما ورد في إشارة اللجنة الوزارية المكلفة بدراسة أوضاع الموانئ وتوصيتها بإعادة النظر في العقود التي منحت لشركات تشغيل وإدارة الأرصفة في الموانئ ما يوحي بأنها لا تفي بالغرض وأن التخصيص لم يثمر عن تحسين للأداء، وهذا الجانب يستوجب تدخل الجهات ذات الاختصاص والتأكد من أهلية الشركات والمؤسسات التي حصلت على العقود منذ 1397هـ وربما لم تخضع للمراجعة أو المحاسبة أو الاستبدال حتى هذه اللحظة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.